
الوصول إلى الخدمات المتعلقة بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز و خدمات الصحة العامة : كشف ستار التجارب في المغرب كعابرة جندريا بين تشابك التجريم القانوني و البيئة المجتمعية
في وسط حراكنا العالمي ، يعتبر الوصول إلى خدمات الوقاية والعلاج أمرًا جوهريا أساسيًا. ومع ذلك، تختلف تجارب الوصول إلى هذه الخدمات بشكل كبير و مهول اعتمادًا على الموقع الجغرافي والتصورات الاجتماعية كنقطة عامة و كل من الوصم و التمييز و التجريم كنقاط خاصة . بالنسبة للأفراد العابرين والعابرات جندريا ذوي وذوات المظاهر الغير نمطية الكويرية ، يكون تنقلهم في أنظمة الرعاية الصحية تحديًا خاصًا بسبب كل من الوصم والتمييز ونقص الفهم لاحتياجاتهم وعدم الاعتراف القانوني بهوياتهم-ن الجندرية . في هذا المقال، سنستكشف التجارب المتضاربة للوصول إلى هذه الخدمات ، وتحديداً الوقاية الزائدة الوقاية قبل التعرض، في المغرب و في بلد مغاير ، من خلال عدسة عيون عابرة جندريا.
المغرب، و مثل العديد من البلدان، يواجه تحديات كبيرة في توفير خدمات الرعاية الصحية المتاحة والشاملة للمجتمعات المهمشة، على رأسها مجتمع الميم عين و ممتهني.نات الجنس العابرات.ين جندريا . ف على الرغم من كل الجهود المبذولة لتوفير هذه الخدمات و التمويلات الدولية للمغرب و الاتفاقيات الموقعة تحت بنود عدم التمييز ، فإن الوصم والتمييز لا يزال مسيطرا، مما يعيق الوصول إلى هذه الخدمات الحيوية.
بالنسبة للأفراد العابرين.ات جندريا ممتهني.ات الجنس في المغرب، يعد الوصول إلى هذه الخدمات أمرًا مخيفًا و معقدا . الوصمة الاجتماعية السائدة بشأن كل من فيروس نقص المناعة البشري والهويات الجندرية غالباً ما يؤدي إلى تردد أو خوف من التمييز أو حتى العنف عند البحث عن الرعاية الصحية. و تزيد المواقف التمييزية من مقدمي هذه الخدمات من عزوف الأفراد عن الوصول إليها ، مما يتركهم\ن عرضة للإصابة ويعرقل الجهود المبذولة في هذا النطاق.
بالإضافة إلى ذلك، تزيد العقبات القانونية والتنظيمية من التحديات التي تواجه الأفراد العابرين.ات جندريا ممتهني.ات الجنس. يفتقر الإطار القانوني في المغرب إلى حماية صريحة ضد التمييز بناءً على الهوية الجندرية\الجنسية بل لا يوجد ادنى اعتراف و ضمان لحقوق هذه الفئة كحاملي\ات لبطاقة تعريف وطنية و جنسية مغربية، مما يتركهم.ن عرضة للسوء في بيئات الرعاية الصحية. علاوة على ذلك، يسهم غياب التمثيلية الأساسية و برامج شاملة للتثقيف الجنسي والجهود التوعوية الموجهة خصيصاً لتلبية احتياجات الأفراد العابرين.ات جندريا ممتهني.ات الجنس في نقص الوعي بخيارات الوقاية من فيروس نقص المناعة البشري والعلاج.
في مثل هذا المناخ، يكون اتخاذ قرار اللجوء إلى هذه الخدمات و الاستفادة من هذا الحق المشروع محفوفًا بالشك والخوف. الخوف من الكشف عن الهوية أو مواجهة التمييز في مغامرة الوصول إلى هذه التدخلات التي تنقذ الحياة، مما يجعل العديد من الأفراد العابرين.ات جندريا ممتهني.ات الجنس في المغرب يتجنبون هذه الخدمات تمامًا و البحث عن بدائل بين مجتمعاتهم.ن في بلد لازال العازل الطبي يستخدم كإثبات جنائي لاعتقال ممتهني و ممتهنات الجنس .
و من منطلق تجربة شخصية في أحد أيام شهر يونيو الدافئة لسنة 2022 و بعد شكوك علاقة جنسية غير محمية احتجت للوصول الى هذه الخدمات و تحديدا الوقاية الزائدة و أمام كل هواجس الوصم و التمييز السابق ذكرها لم تكن خطوة سهلة لي أتذكر تدخل بعض الأصدقاء لتوفير الاختبار السريع لفيروس نقص المناعة البشري و بعدها إجراء بعض المكالمات الداخلية لتسهيل وصولي لهذه الخدمة تمت إحالتنا على مستشفى ابن سينا بالرباط و تحديدا المكاتب الخاصة بتقديم هذه العلاجات الوقائية
كل المكاتب كانت بدون أي طاقم و اضطررنا لتمضية اكثر من خمس ساعات في انتظار الطبيب المختص أخذا بعين الاعتبار أن هذا النوع من العلاج يجب أن يأخذ بين 36 و 73 ساعة من العلاقة الغير محمية لأجد نفسي اعد ساعاتي الثلاث الأخيرة في مناخ هومو\ترانسفوبي و قهقهات كل من الطاقم و رواد المستشفى العمومي لنحال بعدها على الطبيبة المختصة التي لعبت دور المتفهمة المنقدة بطرح عشرات الأسئلة عن علاقاتي الجنسية و امتهان الجنس ومعلومات شخصية أخرى و ارفاق كل هذه المعلومات في ملف اكل الدهر منه ما شاء و ختمه بكتابة هومو سيكشوال تحت اسمي القانوني.
الأخير الذي جعلني اشق طريق دوامة البحث عن ما إذا كانت هذه المعلومات تحفظ بسرية تامة او يمكن استعمالها كدليل او اثبات لقيام علاقة خارج نطاق الطبيعة كما يصفها المشرع المغربي في الفصل 489 من القانون الجنائي المغربي
مررت بنفس التجربة لكن في موقع جيوغرافي مختلف في بلد لا يوجد فيه تجريم قانوني للهويات الجندرية و الميولات الجنسية هذه الأخيرة كانت حافزا لكتابة هذه المقالة لتسليط الضوء على أبعاد التجريم وعدم الاعتراف القانوني بالهويات الجندرية و انعدام الحماية في ما يخص خدمات الرعاية الصحية
كبوصلة وصول وعلى عكس المغرب، في البرازيل، يعتبر الوصول إلى خدمات الصحة الجنسية نسبياً أكثر سهولة وأقل تعصباً مقارنة بالبلدان الأخرى التي مررت بها كتونس وتركيا مثلا التي لا توفر هذه الخدمات إلا لمواطنيها أو المقيمين قانونيا بها . يوفر النظام الصحي العام في البرازيل وصولاً مجانيًا إلى اختبارات فيروس نقص المناعة البشري والعلاج وخدمات الوقاية، من خلال العيادات المتخصصة والمنظمات الأساسية للمجتمع.
علاوة على ذلك، قد نفذت البرازيل برامج شاملة للوقاية من فيروس نقص المناعة البشري\ الإيدز تستهدف بشكل خاص مجتمعات الميم عين و ممتهني و ممتهنات الجنس،. تركز هذه البرامج على تعزيز التثقيف الصحي الجنسي، ومكافحة الوصم، وتقديم الرعاية المتخصصة بشكل ثقافي لتلبية احتياجات الأفراد العابرين جندريا .
الإطار القانوني في البرازيل يوفر أيضاً حمايات مهمة للأفراد العابرين.ات جندريا ، بما في ذلك الاعتراف القانوني للهوية الجندرية.الجنسية وقوانين مكافحة التمييز. تساهم هذه الحمايات القانونية في خلق بيئة يشعر فيها الأفراد من المجتمعات الهشة بالأمان والقدرة على الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية دون خوف من التمييز أو سوء المعاملة.
فكانت تجربتي وسط هذه المصحات شبه سالمة مع احترام هويتي بطلب اسمي الاجتماعي أو المختار و عدم وجود أي تحقيق و طلب معلومات غير ضرورية لتلقي خدمة أو تحديد الخدمات حصريا للمقيمين بالدولة فهي متاحة لأي شخص موجود في عين المكان مقيما كان أو سائح
تبرز هذه التجارب المتضاربة للوصول إلى هذه الخدمات في كل من المغرب و تونس تركيا والبرازيل الدور الحاسم الذي تلعبه التصورات الاجتماعية والحمايات القانونية والبنية التحتية الصحية في تشكيل الوصول إلى الرعاية لأفراد المجتمعات الهشة . فإن المغرب لا يزال يحتاج الضغط على الحاجة الملحة لتدابير مستهدفة لمعالجة الوصم والتمييز والعقبات القانونية التي تعيق الوصول العادل إلى هذه الخدمات ا لدى المواطنين\ات من المجتمعات الهشة على رأسها مجتمع الميم عين و المهاجرين\ات .فمن غير المنطقي تعريض حياة افراد للخطر بناءا على قوانين استعمارية و معاهدات موقعة متناقضة مع الواقع المعاش
رجوعا لبلدي الأم المغرب التحديات والمعيقات التي تواجه مجتمع الميم عين + لا تختزل فقط في الولوج لخدمات الصحة الجنسية و الانجابية بل تتعمق لتقطع شريان الوصول لخدمات الصحة العامة الرئيسية ففي حين يتبع المغرب منذ يوليو ،2011 دستورً ا جديدً ا تم تكريسه و لاول مرة الوصول إلى الرعاية الصحية والتغطية الطبية كحق ً جوهري تماما كالوصول إلى التعليم والتوظيف ٍّ . يعتبر الفصل 31 ً الحق في الرعاية الصحية حقا شاملا ِّ ويربطه بمحددات الصحة . وبالتالي، يضع هذا الفصل نفسُه أيضا على عاتق السلطات العامة َلتسهيل التمتع بالحقوق الأخرى، كالحق في التعليم، والسكن اللائق والعمل، والحصول على الماء، والبيئة الصحية.
كما تطلعنا استراتيجية القطاع الصحي للفترة الممتدة بين عامي 2012 و2016 عن البرنامج الحكومي الذي المقدم من الجهة الحكومية المعيّنة في إطار دستور 2011. حيث تعلن هذه الاخيرة بواضح العبارة في مقدمتها، أنها جزء من التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدها المغرب، والتي تستوجب اعتماد نهج جديد قائم على حقوق الإنسان والديمقراطية الصحية، وخاصة تلك المرتبطة بحق الوصول إلى الرعاية والتغطية الصحية .
و نجد ايضا مخطط الصحة للفترة الممتدة بين عامي 2018 و2025 الذي يختزل هدفه في التكيف مع التحديات الجديدة للقرن الحادي والعشرين، والتي تشمل التحديات الديموغرافية، والشيخوخة، والتقنيات الجديدة، وتلبية احتياجات السكان بشكل أفضل فيولي هذا الأخير الأولوية للرعاية الصحية الأولية ولتعزيز الصحة، ويدعو إلى تطوير مراكز استشفائية ممتازة وإلى تعزيز المهارات والابتكار، ويقترح طريقة مبتكرة للحوكمة، والتمويل، وتعبئة وتثمين الموارد البشرية، وذلك بمشاركة المواطنين بالتزام من السلطات المحلية.
ولا نستغفل القانون-الإطار الجديد رقم 22-06 لعام 2022 المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية الذي من أبرز أهدافه تيسير وصول المواطنين إلى الخدمات الصحية وتحسين جودتها، وضمان التوزيع المتوازن والعادل للرعاية الصحية على مجموع التراب ً الوطني و أيضا إلى توفير خدمات الصحة العامة وتحسين حوكمتها و الاهم من هدا تركيز ملك البلاد محمد السادس على شمولية قطاع الصحة في العديد من الخطابات والرسائل الملكية نذكر منها رسالته للمشاركين في فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للصحة، لسنة 2019، التي اختارت منظمة الصحة العالمية، المغرب لاحتضانها تحت شعار “الرعاية الصحية الأولية : الطريق نحو التغطية الصحية الشاملة”.
جاء في نص الرسالة ” ……ذلـك أن الأهميـة البـالغـة التـي تكتسيها خـدمـات الـرعـايـة الصحيـة الأساسيـة بصفـة عـامـة، وفـي إطـار المنظـومـة الصحيـة عـلى وجـه الخصـوص، نـابعـة مـن كـونهـا نهجـا يشمـل كـل مكـونـات المجتمـع، ويتمحور حـول احتيـاجـات أولـويـات الأفـراد والأسـر والمجتمعـات، ويهتـم بصحتهـم، بجوانبها البـدنية والنفسيـة والاجتمـاعيـة، الشـاملـة والمتـرابطـة، إرشـادا ووقـايـة وعـلاجـا،……… كمـا تـرتكـز الـرعـايـة الصحيـة الأوليـة، عـلى الالتـزام بـالعـدالـة الاجتماعيـة، و المسـاواة فـي الـولـوج إلـى الخـدمـات الصحيـة، وعـلى الاعتـراف بـالحـق الأسـاسـي فـي التمتـع بـأعلـى مستـوى ممكـن مـن الصحـة، كمـا ورد فـي المـادة 25 مـن الإعـلان العـالمـي لحقـوق الإنسـان، ونـص عـلى ذلـك دستـور المنظمـة العـالميـة للصحـة الصـادر فـي 1948. وإذا كـان تـوفيـر المـوارد المـاليـة والبشـريـة الصحيـة المـلائمـة، ضـروريـا لتـوفيـر الـرعـايـة الصحيـة الأوليـة، فـإن مـن الـواجـب التعـامـل بمنهجيـة مـع المحـددات الأوسـع للصحـة، بمـا فـي ذلـك العـوامـل الاجتمـاعيـة والاقتصـاديـة، والبيئيـة والسلـوكيـة.”
فيصرح وزير الصحة والحماية الاجتماعية، السيد خالد آيت الطالب، إن مشروع القانون الإطار رقم 06.22 المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية يعتبر “فرصة تاريخية لبناء نظام صحي بشحنة إنسانية قوية، أكثر صلابة وانصافا“
فرغم كل المجهودات المبدولة لشمولية قطاع الصحة و خدماته إلا أننا لازلنا في سنة 2024 أمام العائق الأساسي لنا كمغاربة و أفراد من مجتمع الميم عين و هو القوانين التجريمية و انعدام الاعتراف بهويتنا الجندرية و غياب الحماية لنا كأفراد من المجتمع حاملين للجنسية المغربية التي تقيدنا من الاستفادة من هذا الحق المشروع فمعظمنا يلجأ للخدمات الصحية الخاصة و منا من يعتمد التطبيب الذاتي لعدم توفره على الموارد المالية لتغطية العلاجات الخاصة
هنا نطرح السؤال هل نحن أفراد من المجتمع ؟ و متى العدل والشمولية في هذه الخدمات سيرحم ولوجنا لها ؟ متى ستكون حياتنا وصحتنا أولوية مقارنة مع أفراد المجتمع المغايرين ؟
من بين جميع أشكال عدم المساواة، فإن الظلم في الرعاية الصحية هو الأكثر إثارة للصدمة واللا إنسانية” (مارتن لوثر كينغ)
بقلم ملك الحامدي
المراجع
- نص الرسالة التي وجهها جلالة الملك إلى المشاركين في الاحتفال الرسمي باليوم العالمي للصحة
- مشروع القانون الإطار المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية.. فرصة “تاريخية” لبناء نظام صحي أكثر صلابة وإنصافا | Maroc.ma
- Ministry of Health . 2018 Health plan 2025 kingdom of morocco
- Official Bulletin of the kingdom of morocco 2011 “Framework law n°34-09 relating the the health system and healthcare supply”


